السبت، 31 يوليو 2010

المظهر والجوهر

المظهر مرآة الإنسان ويعكس خبايا البواطن عند أغلب الناس والجوهر صنو الباطن ان لم يكن أساسه ، وهذه النظرية كانت السائدة عند أهل العقل ، أما الآن فقد انقلبت الموازين والمقاييس فأصبح كل شيء نسبياً ويقاس بالشكل والهيئة وليس للجوهر حيز  في  مداركنا العقلية والفكرية ، وبذلك خالفنا حديث من لم ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى " ان الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم ( وأعمالكم ) " رواه مسلم ، فالله جل جلاله وهو العظيم ينظر إلى جوهرنا ويقيسنا على حسب صدق قلوبنا و أعمالنا لأنه العادل والمقسط ، ونحن من أصلنا التراب نقيس بالنظر والهيئة ونحكم على الناس من ذالك وهكذا يقع الظلم .


ولكن المبالغة في الكماليات و الاهتمام بالأشياء الثانوية والحكم على الغير من الظاهر ظلم وخيم له أضرار وينتج عنه عقبات ، والظاهر ماهو إلا شيء مادي ملموس يقل جماله مع مرور الوقت بينما الباطن ( الجوهر ) شيء روحاني معنوي يزيد جماله إذا وجد التقوى والخلق مع مرور الزمن ، أما زمننا كل شيء يقاس بالهيئة ، فعن سهل بن سعد الساعدي قال : مر رجل على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال النبي : ما تقولون في هذا ؟ قالوا :رأيك نقول : والله يارسول الله هذا من أشراف الناس هذا حري ان خطب ان يخطب ، وان شفع ان يشفع ، وان قال ان يسمع لقوله ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ومر رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هذا ؟ قالوا : نقول : والله يارسول الله هذا من فقراء المسلمين هذا حري ان خطب لم ينكح ، وان شفع لايشفع وان قال لا يسمع لقوله ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لهذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ) أخرجه البخاري وابن ماجه ، وبذلك بين لنا المصطفى الكريم ان الجوهر هو الأصل مهما تعددت ظواهر المظهر وزانت وبلغت درجة كبيرة من الجمال فالجمال الباطن يزيد الجمال الظاهر اذا ما وجد ، والجمال أنواع منه ما كان لله و أعان على طاعة الله ومنه المذموم ما كان للدنيا والرياسة والفخر والشهوات .