الأحد، 19 سبتمبر 2010

ارحم من في الأرض

بداية الكلام ياسادة ياكرام احترام وتقدير للأستاذ والداعية الشاب أحمد الشقيري مقدم سلسلة خواطر ، الذي ألهمني فكرة كتابة مقالي عندما رأيت حلقة له من برنامج خواطر5 المعروض في السنة الفائتة باليابان على الكمبيوتر ، والذي يبين الفروق ما بين اليابان وكوكبنا الآخر كما يقول مما رسم على محياي بسمة ومما بعث في نفسي الحسرة بآن واحد لحال أمتنا وشتان بين الاثنين فروق ما بين السماء والأرض على كل حال ، فقد تخلل تلك الحلقة أن عامل محطة البانزين في أحد بلدان الوطن العربي و يغلب الظن واحدة من دول الخليج يعمل لمدة 12 ساعة يومياً وبدون إجازة ولا جزاء ولا شكورا ، والمهم تذكرت حال من لاحول لهم ولاقوة بيننا من عمالة منزلية وحولنا من عمال نظافة وغيرهم وغيرهم .


تعالوا معي نتأمل قوله تعالى : " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون " الزخرف الآية 32 ،عندما قرأت الآية الكريمة صعب علي فهمها وعلامات الاستفهام كثرت في رأسي مما دفعني للبحث ومعرفة تفسيرها وظفرت بمطلبي ولله الحمد ، والخلاصة ما حكمة الله عزوجل من هذه الآية الكريمة ؟ وما يريد أن يبين لنا ؟ جاء في تفسير ابن كثير أن الله عزوجل فاوت بين خلقه فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق و العقول والفهوم وغير ذلك من القوى الظاهرة والباطنة ، وجاء في تفسير " ليتخذ بعضهم بعضا سخريا " قيل معناه ليسخر بعضهم لبعض في الأعمال لاحتياج هذا إلى هذا، وخلاصة الآية الكريمة يااخوان أن الله عزوجل قسم الأرزاق والمهام البشرية ليتكاملوا جميعاً ولا يحتقر بعضهم بعضا ولايتكبروا ولاينقص احدهم من قيمة ممن هم بين أيديهم من خدم أو من لا أمر لهم عليهم كعمال النظافة في الشوارع وغيرهم ولايتعالوا عليهم والتكبر والتعالي يحرمان الفرد من سلعة الله الغالية ( الجنة ) استنادا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ...)) رواه مسلم ، والذرة شيء لا يرى بالعين المجردة وهذا دليل على سماحة ديننا في كيفية التعامل مع الغير بكل تواضع وهكذا ظهرت الصورة جلية .


ولننتقل إلى حقيقة أخرى كلنا نعلم بأننا أبناء من سجدت له الملائكة بأمر الله ( أبونا آدم ) عليه السلام وذلك تكريم لآدم و تعظيم قدرة الله بقدرته على خلق آدم وتسويته ونفخ الروح فيه ، بإختلاف ألواننا و جنسياتنا ومناصبنا ، وهذه الصورة تبين أن الناس مهما تفاوتوا فإن لديهم كرامة خصها الله عزوجل لهم ، ونأتي نحن بكل بساطة ونغير السنن والمفاهيم ونعامل الضعفاء ومن هم في يدنا على حسب هوانا ونفسنا الامارة بالسوء ونتجاهل التشريعات الربانية والتعاليم النبوية الشريفة التي بينت لنا حقوق الإنسان قبل اصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 م بأكثر من 1430 سنة ، فخذ هذا التعليم من المصطفى الكريم فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ان اخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان اخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ، ولاتكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم )) متفق عليه ، و إليك هذا فعن أنس رضي الله عنه قال : (( فخدمته ( الرسول صلى الله عليه وسلم ) في السفر والحضر ما قال لي لشيء صنعته لما صنعت هذا هكذا ، ولا شيء لم أصنعه لم تصنع هذا هكذا )) رواه البخاري ، وغير هذه التعاليم الكثير والكثير ، وياأحبتي في الله لايوجد إنسان على وجه الأرض يقبل بأن يكون خادماً أو عامل نظافة أو أن يمتهن مهنة فيها تذلل وانكسار إلا لحاجة قسوة ولولا تلك الحاجة ما تركوا أوطانهم وذويهم ، لذلك علينا أن نتبع سياسة خير البرية صلى الله عليه وسلم في التعامل معهم هذا شيء ، والشيء الآخر علينا أن نعاملهم بخلق الإسلام على الله يهدي منهم الضال .