الأحد، 27 مارس 2011

مرض مستبد

طال الحديث عنك أيها الطلاق أصبحت كالغرغرينا كلما بترنا العضو الذي أصبته انتقلت لغيره و أحدثت انقسامات في هذا المجتمع ، أي أنك متنقل متجول في أحضان وربوع الأسر الكويتية بإختلاف انتمائهم ، وقد تطرقت لهذا الموضوع في مقال لي سابق و لكن من باب الذكرة تنفع المؤمنين .


أثناء تجولي في الشبكة العنكبوتية اطلعت على نسبة الطلاق في بلادي ، وكانت الكارثة حسب الاحصائيات الرسمية حيث بلغت 40 في المئة ، وكانت هذه النسبة منذ عام ، وقد كتب بالخط العريض و الواضح الصريح فضلا على أنها نسبة كبيرة إلا أنها تحتل المركز الأول خليجيا و كل يوم النسبة في تزايد !


السؤال لماذا وكيف انحدرنا اجتماعيا ؟ وكلنا نعلم أن العلاقة بين التفكك الأسري و التنمية علاقة عكسية ، أي كلما زاد التفكك قلت التنمية والعكس ... مما حد من تطور وتقدم المجتمع بالشكل السوي السليم ، وبعبارة أخرى (( الشر يعم )) نعم التفكك والانفصال شر ينهش أوصال هذا المجتمع وعناصره الكائنة و أهمها (( الأبناء )) وقد يقول قائل : حديثك لا يمت لصحة فإن الدول الغربية هي أكثر الدول التي تعاني من التفكك و الانفصال ولكن هم في بحبوحة اقتصادية و صناعية وتنمية وتطور وكل يوم تزدهر عن اليوم الذي قبله ، صحيح ولكن هناك قاعدة تقول أن (( حياتنا مجموعة قراراتنا ))  وهذا رأي المختصين لم أت به من جعبتي الخاصة ، فلست إلا طالبة علم ضالتي الحكمة كما قيل (( الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها )).


أي أن الزواج والطلاق والتعلم والذهاب والإياب وكل شيء نقدم عليه أنما من فعل أنفسنا ، ولنقارن قليلا بين الواقع الكويتي والغربي ، الواقع الغربي انتهج مفهوم الحرية المطلقة في كل الجوانب الحياتية دون ضوابط ، فقد منح حقه بدرجة الأولى في كل شيء وعدم الاكتراث و الوقوف عند حدود وضوابط ، وله أن يختار أي الفرد الغربي ما يريد وما لا يريد في كل الميادين حتى الإجتماعية أي له ولها الحق المطلق في اختيار النصف الآخر وهذه حقيقة القاعدة الأساسية في كل المجتمعات و الأديان ، لذلك الفرد الغربي عندما يختار الزوجة ليس من الضروري عنده التركيز على دينها أو خلقها أو علمها ربما اقصى مطلب الجمال الظاهر وهذا واقع الرجل الغربي إلا القليل و أن حدث انفصال بعد الزواج لا يبالي ، لأن الجميلات أكوام مبعثرة في الشوارع ،  أما المجتمع الكويتي مجتمع تحكمة مبادئ وقيم وعادات وتقاليد ... نابعة من الشريعة الأم فعندما يختار الرجل الكويتي والشابة الكويتية النصف الآخر عليهما أن يتبعا ضوابط و أسس معينة ، ليس فقد التركيز على النواحي الجمالية ، فالجمال مطلوب ولكن ما فائدته دون خلق ودين ولله در من قال :


 جمال الوجه مع قبح النفوس
كالعندليب على قبر المجوس


لذلك علينا أن ندرس كل ما نقدم عليه خصوصا مسألة الزواج والطلاق ، لأن سلبياتها ليست حكرا على الفرد بعينه و انما الأبناء والمحيط والمجتمع كله .

الأربعاء، 16 مارس 2011

أنت حر مالم تضر

أنت حر مالم تضر عبارة سمعتها لأول مرة من معلمة اللغة العربية في مرحلة لي من المراحل الدراسية ، وقد أذهلني جمال وروعة تلك العبارة ، وحتى لا أنساها دونتها أثناء الحصة في آخر دفتر المادة ، وتكرر صدى تلك الكلمات في ذهني وروحي ووجداني كلمات ثقيلة المعنى و المضمون والنطق و كأنها جبل ثقيل استقر في صدري ونشر السكون في روحي المتزعزعة المتشتتة المتسائلة دوما ما الحرية و ما مصدرها ومن أين تأتي ولماذا نحتاجها ؟؟ أسئلة كثيرة حيرت البال والخاطر ، و الحاصل مع مرور الوقت تبينت لي مفاهيم كثيرة مغلوطة وظهرت عبارات مبهمة لم اسمع عنها من ذي قبل ، دعونا ندخل من ردهة السؤال إلى بيت الإجابة و لو بتدريج و حتى لو كانت فلسفة شخصية ، الحرية هذه الكلمة التي من أجلها حدثت صرعات وحروب على مر العصور بين بني البشر وزعزعة للأمن في الكوكب الأزرق ، وقامت من أجلها حضارات و انحدرت واندثرت بل وماتت حضارات أخرى وربما هي مصدر الذهب الأسود القابع في باطن الأرض ، وبما أنني من مواليد هذا العصر أي العصر الذى ترقى به الإنسان بفعل التطور ولا يعنيني مفهوم الحرية في العصور السابقة فالأحرى بي ونقطة البدء لهذا المفهوم تبدأ عندي منذ بداية نزول دستور الأمة الإسلامية على خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم وكوني مسلمة .


أولاً ما الحرية من المنظور الإسلامي : هي اطلاق العنان للفرد يتصرف كما يشاء شريطة ألا يتعدى حدود الله تعالى أو يضر بغيره أو بنفسه ، وهذا تعريفها الإسلامي المتوافق مع العبارة السالف ذكرها ، فتبين لي من خلال التعريف السابق أنها حق يقابلة واجب والعكس أي الحق معطى للفرد المسلم من دستوره مما يبين أن للشخص كرامة و استقلالية  وذاك ظهر جلياً في (( اطلاق العنان للفرد يتصرف كما يشاء )) والواجب تبين في (( شريطة ألا يتعدى حدود الله أو يضر يغيره أو بنفسه )) .


وكما يقال تنتهي حرية المرء عندما تبدأ حرية الآخرين ، وللحرية مرادفات عديدة ومعان كثيرة وصور مختلفة حسب نظرة كل إنسان سواء كان يتبع ديانة سماوية أو غير سماوية أو ملحد أو ...أو ...، فبالمنطق يجب أن انطق ودعونا قليلا من العبارات الثقيلة ولننتقل للواقع ، هناك مثل عامي يعجبني يقول (( لا تبوق ولا تخاف )) بمعنى ان السرقة فعل سيء واللص دائماً يسرق في الليل بعيدا عن أنظار الناس كي يتجنب حماة الأمن العام وحتى لا يكون في السجن وهذا أن دل فإنما يدل على حرية نابعة من أعماق السارق ساقته إلى أخذ حق الغير دون احترامهم بل بالخلسة عنهم وذاك ظهر في سرقته ليلا فهل سمعتم عن لص يسرق بالنهار أمام أنظار الناس !؟ ومما نتج عن هذا الفعل خوف وفعل فعلته ليلا ، و الخلاصة أن حريتنا مصدرها نحن و ان اعاق محيط المرء خط سير حريته على أكمل وجه فالإنسان حر ان لم يرتكب ما يسوء لنفسه ويجعله داخل دائرة الخوف و أن لم يضر بالغير .