الأحد، 29 أبريل 2012

زواج الأقارب ...







الزواج سنة من سنن الحياة أوجده الله تعالى لتعايش و التناسل و التراحم و التلاحم و تكامل المجتمع و تكافله فهو صنو المودة و الرحمة ، لذلك كانت الأسر لبنات و أساس بناء صروح المجتمعات فكل لبنة تشد أختها حتى تتماسك تلك الصروح و تنجلي الفراغات رويداً رويداً مع تكامل الأسر و تكافلهم و التواصل في ما بينهم خصوصاً تواصل الأرحام أصل كل تواصل و تراحم ، فلذلك أباح الله تعالى الزواج و جعله اسمى و أطهر علاقة بين كل ذكر و انثى لأن عوائده و نواتجه دائماً و ابداً تعود بالنفع على الأسرة نفسها و محيطها إذا كان أساسها قويما سليما و صحيحا فضلاً عن حسن الاختيار ، فمسألة الزواج ليست بالأمرالهين أو اللين كما يظن البعض بل هي مسألة تحتاج لدراسة و تدقيق و سؤال و جواب و استخارة و حكمة في الاختيار لأنها مسألة حياة أسرة و أسر تتأثر بها وتؤثر بهم  خصوصاً إذا كان الزواج زواج أقارب و أهل بعضهم ببعض ، فمن المتعارف عليه أن الارتباط في المجتمعات العربية و الإسلامية في الغالب قائم على ترابط أسرة بأسرة ، لأن لبنات المجتمع عاشوا و تربوا على العادات العربية الأصيلة المتمسكة بترابط المجتمع و تقارب أهله في ما بينهم و ترعرعوا كذلك تحت المظلة الإسلامية الداعية دائماً و ابداً لتكافل الإجتماعي و توحد المجتمع المؤمن المسلم و أن كان متباينا وذلك تجلى في الآيات القرانية و الأحاديث النبوية المؤكدة على ظرورة الترابط و التواصل ، فقد سنت شريعتنا الأم عقابا لمن يتجاهل أهمية هذا الأمر فجعلت العقوق من الكبائر و أكدت على حسن الجيرة وجعلت أخير الناس أخيرهم لأهله و أنكرت عدم رحمة الصغيرة و حط قدر الكبير و حرمت الجنة على كل قاطع رحم وووو ، و ذلك أن دل فيدل على ظروارة و أهمية تماسك المجتمع لأن الخير و البركة دائماً بالجماعة أن صلحت .



ولي وقفة مختصره بإذن الله عن زواج الأقارب من المنظور الشخصي المتواضع لأن ما نراه و نتعايشه و نسمع عنه و نحزن لأجله بسبب عقبات ذلك الاقتران الذي شتت الأسر وولد البغضاء بين الأرحام بعضهم ببعض و احدث الفراق بعد أن كانت غالبية تلك الأسر متواصلة بشكل دائم أمر مزعج للغاية و مساهم بشكل كبير بقطع الأرحام و قلت البركات و ضياع الحقوق و الوجبات إلا من رحم ربي ، فمن المتعارف عليه بديهيا أن أكثر أنواع الترابط حساسية هو زواج الأقارب لأن صلة القربى به أكبر مقارنة بأي ارتباط آخر ووجباته و حقوقه تفوق غيره ، و من منطلق حساسيته ابدأ فهو كالزجاج الرقيق المحتاج دائماً للمسك بكلتا يدينا خوفاً من سقوطه و تهشمه و محافظة على جماله الشفاف لأنه ترابط فائض بالترابط يشمل الزوج و الزوجة  و الأسرة بالأسرة فضلاً عن صلة القربى المشتركة بينهم  وكل هذا الاتصال المتشابك يحتاج من معنية زيادة و حرص في التعامل و عقلانية تامة في الممارسة وتنازل حيناً و غض البصر عن بعض الأمور احياناً أخرى و حكمة هنا و منطق هناك ، و لأنه مرتبط بصلة الرحم التي من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه فعن أمنا عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله و من قطعني قطعه الله )) رواه مسلم ، و بهذا الحديث و غيره تكمن أهمية صلة الرحم وظروارة الحفاظ عليها و ارتباطها بذات الله سبحانه و خطورة قطعها ، اما في حاضرنا الأليم أصبحت القطيعة أمرا هينا ولا يحسب له حساب كشربة الماء و التواصل صار شيئاً ثانوياً و طبعاً بسبب عوامل شتى لكن أبرزها زواج الأقارب القائم على اللاعقلانية في التعامل أحياناً كثيرة من أشخاص رفضوا غض البصر عن بعض الصغائر و حوروها حتى اصبحت ككرة الثلج المتدحرجة التي تكبر رويداً رويداً مع كل دحرجة أو رفضوا التنازل عن أشياء أخرى بسبب ما يسمى بالكرامة !! و هل بين الأهل كرامة ام هي كرامة واحدة ...فما نراه من تضخيم الأمور في معظم المشاكل الزوجية و اعطاها حجما فوق الحجم الطبيعي و تدخل الأهل ولد البغضاء وضياع الحقوق و الواجبات و قلة البركات و طبعاً لا أعمم على معظم تلك الزيجات و لا ارفضها قطعاً بل من باب الحرص على تماسك هذا المجتمع من تفتت القيم بذات قيمة التواصل و التآلف الأسري ، فعلينا مع التأكيد الحرص في تعاملنا و تهدئة النفوس لا تأجج الشرارة حتى لا تصبح صغائر المشكلات محرقة أسرية ضحيتها الأرحام .







هناك 6 تعليقات:

  1. الزواج هو ارتباط بين طرفين .. يجوز لهما اخذ الاستشارة والاستئناس بها .. فان تقدم للبنت شابا يمتلك المواصفات التي تمنح البنت الامن والاطمئنان لحياة طيبة سعيدة فلا مانع من تزوجيها بعد اخذ رأيها وعرض الامر عليها .. فهي التي ستعيش معه وهي التي ستبني معه مملكتها ومن حقها ان تسمع كلامه وترى صورته وربما تناقشه او تحاوره فليس في ذلك عيبا او اساءة له او لاسرته .. بقدر ماهو تفاهم يقود لحياة زوجية مستقرة ..
    وان كان الاسلام ربط سكوت البنت عند عرض امر خطبتها عليها انها تعني الموافقة على هذا الشاب فان الاسلام وجد في هذا السكوت مسؤولية ومدخلا لهم بالسؤال عنه والتأكد من لياقته صحيا ونفسيا وماليا واجتماعيا فان سكوتها يعني القاء المسؤولية عليهم وليس لزواجها فقط

    اما بالنسبة لزواج الاقارب .. فانه من الاصلح والمناسب ان يكون الزوج من اقربائها .. فهو الاقدر على احترامها وتقديرها وفهم سلكوياتها كونه يعرفها
    ويعرف اسرتها .. فهو في هذه الحالة ينظر اليها بعينين الاولى عين الزوجة والثانية عين القريبه
    لكن الاسلام الذي حرص على التراحم والتواصل اقر ايضا اهمية العلم .. فان كان العلم اليوم يقول ان زواج الاقارب قد يحمل امراضا وراثية فان هذا لا يخالف الاسلام بشي .. بل يدل على ان الاسلام يحرص على الصحة وسلامة الافراد والمجتمع .. لذا .. لا مانع من اجراء الفحوصات الطبية فان ثبت توافق اللياقة الصحة بينهما فان هذا الزواح هو الانسب وهو المفضل والله سبحانه أعلم

    ردحذف
  2. السلام عليكم

    حياك الله دكتور

    اتفق معك بأول فقره و اختلف معك بالفقرة الثانية دكتوري الفاضل أنا لا ارفض زواج الأقارب رفضا مطلقا و لا اؤيده تأيد مطلق كذلك وهذه المقالة لم تكتب لعرض وجهة نظري فقط بهذا الموضوع انما نتيجة اطلاع لبعض حالات زواج الأقارب عن كثب والاستماع عن حالات اخرى و لكل شيء ميزايا ايجابية و كذلك سلبية واحترم وجهة نظرك بالموضوع .


    دمت بخير وسلام دائماً أن شاءالله .

    ردحذف
  3. نعم يامها .. انا متفهم مقالتكِ بشكل جيد ان شاء الله .. ومدرك انك تعرضين حالات هنا مع التعليق المناسب لها .. مع الشكر والتقدير لقلمكِ وجهدك الواضح .. مع ذلك .. فأنا كما قرأتِ في مشاركتي الاولى لم اعرض في الفقره الثانية وجهة نظر .. ولم اتطرق الى مخالفة اي فقرة من مقالتكِ .. بل متفق معها ومستمتع بفكرك الرائع .. انما عرضت حالة يتفق الكل على أهميتها والاخذ بها ..

    فالفحص الطبي امر يتفق عليه الجميع لما فيه مصلحة مستقبلية للابناء وبناء الاسرة .. والثاني رغبة البعض من الزواج من اقاربهم مثل بنت العم وبنت الخال الخ ,,, فلا أرى في هذه الفقرة يامها ما يتطلب الرفض او القبول .. وفيها عرض لسلبيات او ايجابيات .. وقد وجدتِ في مقالتك الرائعة مدخلا للتعليق وعرض الوجهة العلمية الى جانب النظرة الاسلامية الذي تتفق مع كل العلوم التي تخدم الانسانية وتنمي ادراكاتهم وتحفظ صحتهم

    شكرا للحوار ودمتِ بخير

    ردحذف
  4. السلام عليكم

    حياك الله دكتور

    دكتور اتفق معك على الفحص الطبي وكذلك الكل تجنبا للأمراض الوراثية خصوصا بين الأقارب لأن العلم اثبت صحة الامراض الوراثية الناتجه عن زواج الأقارب و إذا ما تم هذا الفحص و ثبت فعلاً وجود ما يحدث الضرر فالاحرى الابتعاد وذلك لمصلحة الابناء مستقبلاً

    اما بالنسبة للاقارب فالواقع يختلف 180 درجة عن الماضي فأقارب الأمس غير أقارب اليوم خصوصا بهذا الوقت إلا من رحم ربي
    اقارب الأمس يادكتور هم الاصلح لتناسب و الزواج اما اقارب اليوم مختلفون تماما ولا اعمم .

    واشكرك دكتوري الفاضل و اتشرف بتعليقاتك

    دمت بخير و حفظ الله .

    ردحذف
  5. صباح الغاردينيا مها
    لن أجد الكثير من الكلمات بعد مقالك الرائع
    وبعد ماذاكر أستاذي الراقي ابن السور
    ولكن للأسف زواج الأقارب غالباً ماينتهي بـ المشاكل
    للحساسية المفرطة بين العائلتين ناهيك عن الامراض الوراثية"
    ؛؛
    ؛
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    reemaas

    ردحذف
  6. السلام عليكم

    حياكِ الله أختي ريماس

    صباح الياسمين

    اسعدتني مشاركتك و فعلاً أختي العزيزة أن اغلب زواج الأفارب ينتهي بالمشاكل بسبب الحساسية المفرطة بين العائلتين و قلة الوعي لكيفية التعامل بين الجانبين لكن لا نعمم و اسأل الله تعالى أن يحفظ كل الأسر و يمن عليهم بالحب و التآلف و التوافق .


    دمتي بخير و سلام دائماً أن شاءالله .

    ردحذف