الأحد، 7 أكتوبر 2012

العبادة الصامتة ...




 
 
 
العبادة الصامتة هي بإختصار ( اغلاق الفم و اطلاق النظر وتشغيل الفكر في خلق السماوات و الأرض و ماهو محيط بنا ) تعريف شخصي متواضع عن التفكر أو التأمل ، فمن فترة قريبة راودتني فكرة الكتابة عن هذا الموضوع و حقيقة لست ملمة به بشكل كبير لكن خاطرة في نفسي و اعجاباً لهذا النوع من العبادة شدتني بأن أضع الورقة أمامي و القلم بين أناملي لكي أكتب ما اقتبسته من بحث الأخ الفاضل خالد بن سعود البليهد عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة الذي استأذنت منه عن طريقة رسالة بريد الكتروني بأن آخذ جل أفكار مقالتي من بحثه فرحب بذلك من أجل نشر العلم و النفع والخير للآخرين و أنا ممتنة لشخصه الكريم فضلاً عن البحث من هنا وهناك .
 
 
بداية التفكر في خلق الله هو أفضل عبادة بل يعد نورها كما قال السابقون فدرجة قرب العبد من الله تتوقف على هذه العبادة فكلما زادت زاد القرب منه سبحانه فعندما يتفكر الإنسان في مخلوقات ربه فإنه سيتعدى النظر في النعمة إلى النظر لرب هذه النعمة (( المنعم )) فهي عبادة الأنبياء جميعاً عليهم السلام و العبادة التي بدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يتعبد في غار حراء و دأب الصالحين كذلك وهي متعلقة بالقلب و لا يستعمل بها اللسان و باقي الجوارح لذلك سميت صامتة ، وقد ورد في التفكر و التأمل فضل عظيم في الكتاب و السنة و الآثار فقال جل و علا في سياق ذلك { و يتفكرون في خلق السماوات و الأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار } و في الاسرائيليات عن عيسى عليه السلام أنه قال : (( طوبى لمن كان قوله تذكراً و صمته تفكراً و نظره عبراً )) و كذلك اعتنى السابقون الصالحون بهذه العبادة الجليلة و قال فيها الحسن البصري (( تفكر ساعة خير من قيام ليلة )) و ورد فيها الكثير ، فالتفكر معناه في الاصطلاح الشرعي (( اعمال العقل في أسرار و معاني الآيات الشرعية و الكونية عن طريق التدبر )) و لله سبحانه مكانان يتعبد و يتدبر بهما الإنسان المسجد الصغير و هو المسجد و المسجد الكبير و هو الكون ، فإن مارس الفرد التفكر على الوجه الصحيح استفاد عدة أمور منها يقينة بسعة قدرة الله و اتقانه للمخلوقات و كذلك يقينه بحاجته الدائمة لله و لرحمته و احسانه و عفوه ، و من ثمره أن يستقر في قلب العبد عظم الخالق و غناه و تفرده و تكفله برزقه و ان يحدث ذلك له زيادة في الإيمان فكلما تعرف على صفات الرب زاد يقينه به و لهذا كان العلماء أخشى الله من عبادة ، قال تعالى : { إنما يخشى الله من عبادة العلماء } ، و من أكثر ما يعين الإنسان على التفكر الخلوة و اعتزال الخلق و الصمت و البعد عن مشاغل الدنيا و علائق الترف و مجالس اللهو بحيث يكون القلب مستجمعاً للفكرة و محلاً صالحاً للعبرة تؤثر فيه الحكمة .
 
 
 

 

هناك 6 تعليقات:

  1. التفكر في بدائع صنع الله سبحانه في ارضه وسمائه وفيما لا نعلم من ملكه هي المرتبة العليا من فكر الانسان .. ففي هذا التناول يخرج الانسان من فكره المحدود الذي يعتمد فيه على خواصه الخمس الى الفكر الممدود الذي يخرج عن نطاق ماديته .. وبذلك يتحقق من خلال النظر رؤا ارفع من مجال المادة المحدودة .. حيث يرتبط النظر في هذه الحالة الى بدائع الخالق .. فترتفع ادراكاته .. وحتى نفهم ذلك لنقرا معا هذه الاية الكريمة عندما طلب موسى عليه السلام رؤية ربه فرد عليه الله سبحانه قائلا

    لن تراني ولكن انظر لهذا الجبل فان استقر في مكانه فسوف تراني

    فنفهم من هذه الاية ان الجبل ذاته اية وصنع من الله سبحانه يقودنا الى ماذا .. الى معرفة الله سبحانه ..
    وبالتالي ترتقي مداركنا الى الغايات التي لا يمكن لحواسنا الخمس ان تدركها

    ونفهم من هذه الاية ايضا .. اننا لن نرى الله سبحانه .. ولكن سوف نرى خلقه وصعنه واعجازه فيما حولنا .. فنعلم ان خالقها موجود ويرانا للكننا لا نراه

    وهذا العمل الذي سنقوم به هو من ارفع الاعمال .. ليه .. لاننا في هذا العمل سوف نرتفع بادراكاتنا الى معارف الحقيقة وليس الى سمع ونقل المعارف ولكننا نقترب منها يقينا يقول الله سبحانه

    كلا لتعلمون علم اليقين

    فنحن قبل التفكر والبحث فاننا هذه الحالة ندخل في علم اليقين .. ليه .. لان لا شك ان الله سبحانه هو خالق السموات والارض

    لكن في الاية التي بعدها

    لترون عين اليقين

    هذا عندما نموت ونرى الحقيقة بأعيننا نشاهد الملائكة ونرى النار والجنة ونرى اعمالنا وقتها يتحول علم اليقين الى عين اليقين

    اذن .. في البحوث عن الحقيقة تدخل في علوم علم اليقين .. فنحن في التفكر نزداد من علم اليقين ..
    وهذا العلم موجود امامنا ونشاهده لكننا لا نشاهد صانعه .. في حال الموت سيتحول علم اليقين الى عين اليقين .. وعلينا عندما يتحول هذا العلم ان نكون امام الله سبحانه نفسا طيبة لنكون ممن قال الله سبحانه عنهم

    ياايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية

    شكرا يامها على هذا الموضوع



    ردحذف
  2. موضوع رائع وعنوان أروع . ( العبادة الصامتة )

    ولا ننسى أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كان يخرج لغار حراء ويتفكر في ملكوت الله سبحانه وتعالى..

    والكثير من شيوخ الصوفية يمارس هذه العبادة ..

    فالتفكر في خلق وفي بديع صنعه يزيد إيمانك ويقوي همتك ويريح نفسك ..

    لك تحياتي على اختيارك الرائع...

    ردحذف

  3. السلام عليكم

    حياك الله دكتوري الكريم

    شكراً لك على الإضافة الله ينور عليك يادكتور ،، فعلاً التفكر و التأمل من ارقى و ارفع العبادات فبهما تسمو النفس لخالقها سبحانه و تتعلق به و تزيد يقناً على يقين و تتجرد من كل العلائق و الماديات المحيطه بها و تقدم الإحسان بكل عمل و فعل و قول لأن النفس تستشعر قرب الخالق سبحانه استشعار عميق لا ريب فيه و لا شك و كل ذلك بفضل نعمة التفكر جعلنا الله و المسلمين من أهل الألباب العاقلة المتأملة المتفكرة دائماً .

    شكراً جزيلاً لك دكتوري الفاضل

    دمت بخير و سلام و حفظ الله .

    ردحذف

  4. السلام عليكم

    حياك الله أخي بندر

    شكراً لك ،، سبحان الله فكرت بهذا العنوان و أحببت أن يكون عنوان مقالتي و بعد بحث اكتشفت أن العنوان مشابه لمقالة الباحث الفاضل خالد البليهد فقرأت بحثه الجميل و اقتسبت أفكار مقالته المفيده ،، و فعلاً هذه العبادة الراقية هي أول عبادة مارسها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم و كذلك الأنبياء جميعاً عليهم السلام و كل عاقل باحث عن الله .

    شكراً جزيلاً على المشاركة

    دمت بخير و سلام و حفظ الله .

    ردحذف
  5. سلام عليكم...
    عبادة مكلف بها كل انسان ليعرف السعادة ,لكن للاسف الانسان ترك السعادة الابدية وذهب يبحث عن سراب السعادة في الماديات ...موضوع يستحق القراءة وانت كالعادة تأتينا بكل ما هو نافع للدين والدنيا ...موفقين

    ردحذف

  6. السلام عليكم

    حياك الله أخي علي

    اتفق معك بها السعادة و سبل الخير و الروحانيات العالية ،، فالأبتعاد عن نعمة التفكر و الجري وراء الماديات بشكل مستمر وجعل الدنيا و ما بها أكبر همومنا طريق يؤدي لهلاكنا ،، اشكر متابعتك و اسأل الله لك و لكل من قرأ هذا الموضوع الفائدة والنفع .

    شكراً على المشاركة

    دمت بخير و سلام وحفظ الله .

    ردحذف