ربما يستغرب البعض عنوان المقالة ويتساءل أي شكوى فيهم بما أن الفتيات بنظر البعض كثيرات الشكوى وشكواهن ومطالبهن لا تعد ولا تحصى و أحياناً لأتفه الأسباب كأسباب طفولية ، مثلاً لماذا لا تشتروا لي الفستان الفلاني أو الحقيبة الفلانية أو تصحبوني للمكان الفلاني و لماذا لا نسافر ولماذا ولماذا ...، شكوى ومطالب فتيات لا يعرفن من الحياة إلا ربيعها و جمالها ورونقها مفعمات بنشاط مقبلات بكل حرارة الصبا نحو مستقبل أجمل من الحاضر .
أما الشكوى التي جعلت كل الحيز لها نابعة من حرارة وغليان و ألم وحزن تحكي وقائع تتعايشها كل فتاة معنية بها وقد اقتبست عنوان مقالي من قصيدة ( شكوى فتاة ) لإيليا أبي ماضي الذي مثل واقع ومعاناة هؤلاء الفتيات بحذافيرها عن طريق إبداعه و أسلوبه الشعري الفريد من نوعه الظاهر والساطع والذي لا يحتاج لترجمان أو حسن بيان أنما وضوح في وضوح حتى تصل المعاناة بشكلها الأصلي ، وقد نظم قصيدته بلسان فتاة ارغمها ذووها على الاقتران برجل طاعن بسن وهي في ريعان شبابها ولن أغفل عن ذكرها ، ولكن قبل ذلك سؤال لكل ولي أمر و أم من اعطى لكم الحق بأن تعبثوا بحياة أبنائكم وتقرير مصيرهم المستقبلي الذي لن يواجه صعابه إلا هم ؟؟ نعم بر الوالدين فرض على الكل وهو مقترن بطاعة الله ومن عصى ذلك فله ارذل الجزاء في الدارين ولكن أليس للآباء بر تجاه أبنائهم وبناتهم ؟؟ بتأكيد عن طريق الحقوق المستقبلية التي اقرها الإسلام والمنطق لهم ومنها حق اختيار الشريك المستقبلي أو الشريكة المناسبة والكفء بنظرهم ، وتركيزي ينصب على ظاهرة بدأت تظهر وتتفشى من جديد مع أن الوعي ازداد وارتقى لكن ليت شعري ألا وهو تزويج الفتيات الصغار من رجال كبار في السن وقد يكبرونهن بما يزيد عن عشرياً ربيعاً !!؟.
وما دفعني لذكر حالهم هو أن القلب فاض حزناً وحسرة بما حل بهم مع استنكار وتعجب و ألم لأن النفس عايشت بعض حالاتهم و استمعت لشكواهن ورأت الظلم والحرمان الواقع عليهم ، أيعقل أن بنات لم يتجاوزن العشرين ربيعاً يقترن بأزواج يكبرونهن بضعف عمرهن و يزيد !! أين حق المرأة وحق الإختيار وحق حرية القرار وحق الإنسانية والحق الذي أقره الدين الإسلامي بضمان حقوقها سواء صغيرها أو كبيرها قبل الديانات الأخرى ، أليس لكل هذه الأمور قيمة ؟؟ وسؤال آخر للأب والأم لو نرجع عجلة الزمن للوراء أتقبل أو تقبلين أن يفرضوا ابائكم عليكم ما فرضتم على بناتكم ؟؟ (( وتدبيسها تدبيس محكم )) بزوج يكون احياناً بعمر الوالد اما طمعاً بالمال أو الجاه أو أو ...تعددت الأسباب والظلم واحد ، والجواب طبعاً لا لكن حب المادة والظاهر طغى على ما هو معنوي ، وبالنسبة لهذا الرجل الذي قبل بأن يقترن بفتاة من عمر بناته لم أجد مثالاً أسقطه عليه خيراً من المثال الذي ذكرته أمي حفظها الله تعالى قبل مدة عندما كنا بصدد الحديث عن نفس هذا الموضوع بعد وقوعه على أحدى المعارف وهو أن الرجل الذي يقترن بزوجة من عمر بناته كالإنسان الأمي والجاهل الذي يشتري كتاباً قيماً ومفيداً ولكن لا يعرف كيفية قراءته و إن بلغ درجة كبيرة بالعلم وسأترك لكم الأبيات تحكي المعاناة .
لي بعل ظنه الناس أبي
صدقوني أنه غير أبي
يشتكي المرء لمن يرثي له
رب شكوى خففت من نصب
وأنا ما زلت في شرخ الصبا
فلماذا فرط الأهلون بي ؟
أنا لو يعلم أهلي درة
ظلمت في البيع كالمخشلب
اخذوا الدينار مني بدلاً
أتراني سلعة للمكسب ؟
أنما الغصن إذا هب الهوى
مال للأغصان لا للحطب
و إذا المرء قضى عصر الصبا
صار أولى بردى من مذهبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق